سورة الجاثية - تفسير تفسير الخازن

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الجاثية)


        


قوله عز وجل: {حم تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم إن في السموات والأرض} أي إن في خلق السموات والأرض وهما خلقان عظيمان يدلان على قدرة القادر المختار وهو قوله: {لآيات للمؤمنين وفي خلقكم} أي وخلق أنفسكم من تراب ثم من نطفة إلى أن يصير إنساناً ذا عقل وتمييز {وما يبث من دابة} أي وما يفرق في الأرض من جميع الحيوانات على اختلاف أجناسها في الخلق والشكل والصورة {آيات} دلالات تدل على وحدانية من خلقها وأنه الإله القادر المختار {لقوم يوقنون} يعني أنه لا إله غيره.


{واختلاف الليل والنهار} يعني بالظلام والضياء والطول والقصر {وما أنزل الله من السماء من رزق} يعني المطر الذي هو سبب أرزاق العباد {فأحيا به} أي بالمطر {الأرض بعد موتها} أي بعد يبسها {وتصريف الرياح} أي في مهابها فمنها الصبا والدبور والشمال والجنوب ومنها الحارة والباردة وغير ذلك {آيات لقوم يعقلون}.
فإن قلت ما وجه هذا الترتيب في قوله: {لآيات للمؤمنين} و{لقوم يوقنون} {ويعقلون}.
قلت معناه إن المنصفين من العباد إذا نظروا في هذه الدلائل النظر الصحيح علموا أنها مصنوعة وأنه لا بد لها من صانع فآمنوا به وأقروا أنه الإله القادر على كل شيء ثم إذا أمعنوا النظر ازدادوا إيقاناً وزال عنهم اللبس فحينئذٍ استحكم علمهم وعدوا في زمرة العقلاء الذين عقلوا عن الله مراده في أسرار كتابه {تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق فبأي حديث بعد الله} أي بعد كتاب الله {وآياته يؤمنون} قوله تعالى: {ويل لكل أفاك أثيم} أي كذاب صاحب إثم يعني النضر بن الحارث {يسمع آيات الله} يعني القرآن {تتلى عليه ثم يصر مستكبراً كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم وإذا علم من آياتنا شيئاً} يعني آيات القرآن {اتخذها هزوا} أي سخر منها {أولئك} إشارة إلى من هذه صفته {لهم عذاب مهين} ثم وصفهم فقال تعالى: {من ورائهم جهنم} يعني أمامهم جهنم وذلك جهنم وذلك خزيهم في الدنيا ولهم في الآخرة النار {ولا يغني عنهم ما كسبوا} أي من الأموال {شيئاً ولا ما اتخذوا من دون الله أولياء} أي ولا يغني عنهم ما عبد وا من دون الله من الآلهة {ولهم عذاب عظيم هذا} يعني القرآن {هدى} أي هو هدى من الضلالة {والذين كفروا بآيات ربهم لهم عذاب من رجز أليم}.


{الله الذي سخر لكم البحر لتجري الفلك فيه بأمره ولتبتغوا من فضله} أي بسبب التجارة واستخراج منافعه {ولعلكم تشكرون} نعمته على ذلك {وسخر لكم ما في السموات والأرض} يعني أنه تعالى خلقها ومنافعها فهي مسخرة لنا من حيث إنا ننتفع بها {جميعاً منه} قال ابن عباس: كل ذلك رحمه منه وقيل كل ذلك تفضل منه وإحسان {إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون}.
قوله عز وجل: {قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله} أي لا يخافون وقائع الله ولا يبالون بمقته، قال ابن عباس: نزلت في عمر بن الخطاب وذلك أن رجلاً من بني غفار شتمه بمكة فهم عمر أن يبطش به فأنزل الله هذه الآية وأمره أن يعفو عنه وقيل نزلت في ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل مكة كانوا في أذى شديد من المشركين قبل أن يؤمروا بالقتال فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله هذه الآية ثم نسخها بآية القتال {ليجزي قوماً بما كانوا يكسبون} أي من الأعمال ثم فسر ذلك فقال تعالى: {من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها ثم إلى ربكم ترجعون}.
قوله تعالى: {ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب} يعني التوراة {والحكم} يعني معرفة أحكام الله {والنبوة ورزقناهم من الطيبات} أي الحلالات وهو ما وسع عليهم في الدنيا وأورثهم أموال قوم فرعون وديارهم وأنزل عليهم المن والسلوى {وفضلناهم على العالمين} أي على عالمي زمانهم، قال ابن عباس: لم يكن أحد من العالمين في زمانهم أكرم على الله ولا أحب إليه منهم {وآتيناهم بينات من الأمر} أي بيان الحلال والحرام وقيل العلم ببعث محمد صلى الله عليه وسلم وما بين لهم من أمره {فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم} معناه التعجب من حالهم وذلك لأن حصول العلم يوجب ارتفاع الاختلاف وهنا صار مجيء العلم سبباً لحصول الاختلاف وذلك أنه لم يكن مقصودهم من العلم نفس العلم وإنما كان مقصودهم منه طلب الرياسة والتقدم ثم إنهم لما علموا عاندوا وأظهروا النزاع والحسد والاختلاف {إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون}.

1 | 2 | 3